المقدم. والمؤخر
"ما السر في تقدم وتأخر بعض الأقدار؟
لو سألتك؛
- هل تخلو حياتك من تقديم أو تأخير؟
- هل ذقت التأخير تارة أو التقديم تارة أخرى؟
- هل تسير حياتك كما تريد و تشتهي بلا أي تأخير أو تقديم ؟
بكل تأكيد؛ ستقول: لا..
لأن الحياة من سننها الثابته في الكون التقدم و التأخر..!
هل تعلم أنك إذا فهمت هذين الاسمين – المقدم والمؤخر-
ستشعر بالحكمة و البصيرة تجاه أمور كثيرة ؟
إذا تساءلت يوماً:
لماذا حصل هذا القدر وفي هذا التوقيت ؟
تكون الإجابة:
لأنه المقدم و المؤخر
قدم المقادير كلها وكتبها في اللوح المحفوظ
لماذا تقدمت بعض الأمور؟
لأنه المقدم !
- يتقدم فلان صاحبك في مقاعد الدراسة ويتخرج وأنت تتأخر عن التخرج
- يتزوج فلان الأصغر منك سنا و أنت لم تتزوج بعد
- تذهب لقضاء معاملة فتتقدم على من معك وتتأخر أوراقهم
- تبدأ العلاج فتستجيب له وتتقدم في الشفاء وهم يتأخر شفاؤهم
- يتقدم الأصغر منك سناً في العلم وتتقدم أنت في التجارة و المال
هو الله المقدم و المؤخر الذي يقدمك في أشياء
و يؤخرك عن أشياء لحكم عظيمة تخفى عنك
ثق أن التقديم و التأخير يحمل في طياته الحكم العظيمة التي قد تعجز الجبال عن حملها..!
لذلك لا تحزن و لا تيأس إن تأخر رزقك فالله قد يكون أخر الرزق
لكنه قدم لك نعم عظيمة لا تعد و لا تحصى
إن سنة التقديم و التآخير
في الدراسة
و الوظيفة
والزواج
و الذرية
و التجارة
والمشاريع
والشفاء
وفي الأرزاق عموماً
هي أقدار مكتوبة ولا مهرب منها
فلا تكن ممن يتسخط على الله
فالعارف بالله حين يقول: لماذا تأخر رزقي؟
يأتيه صوت في داخله يقول له :
لأن الله هو المقدم و المؤخر لذا كان التأخير
وهذا التأخر الذي يقض مضجعك يخفي في داخله ألطاف لاتعد و لاتحصى
ليس التأخر المؤلم هو تأخر الرزق فحسب بل الأشد إيلاماً تأخر العبد في سيره إلى الله
الله عزوجل رفع الخلق بعضهم على بعض
و نرى فلان متقدم في العلم
وآخر متقدم في الصيام
وفلان متقدم في القرآن
فمن الذي قدمهم ؟
الله جل في علاه المقدم
تأمل في حياتك وتأخيراتك و تقديماتك
و تيقن أن الأمر به الحكمة الخير
فلان يصلح له التأخر في الدراسة وفلان لا يصلح له إلا التقدم و السبق !
فلان يصلح له التأخر في الزواج و فلان لا يصلح له إلا التقدم في الزواج
فلانة يصلح لها التأخير في الإنجاب
و فلانة لا يصلح لها إلا السبق في الإنجاب
فلان يصلح له السبق في العلم و الدعوة و فلان لا يصلح له إلا التأخر
فالله هو المقدم و المؤخر جل في علاه
وللشيخ عبدالرحمن السعدى رحمه الله فى تفسير اسماء الله الحسنى يقول :
" المقدم والمؤخر من أسمائه الحسنى المزدوجة المتقابلة التي لا يطلق واحد بمفرده على الله إلا مقروناً بالآخر فإن الكمال من اجتماعهما فهو تعالى المقدم لمن شاء والمؤخر لمن شاء بحكمته.
وهذا التقديم يكون كونياً كتقديم بعض المخلوقات على بعض وتأخير بعضها على بعض، وكتقديم الأسباب على مسبباتها والشروط على مشروطاتها.
وأنواع التقديم والتأخير في الخلق، والتقدير بحر لا ساحل له، ويكون شرعياً كما فضل الأنبياء على الخلق، وفضل بعضهم على بعض، وفضل بعض عباده على بعض، وقدمهم في العلم، والإيمان، والعمل، والأخلاق، وسائر الأوصاف، وأخر من أخر منهم بشيء من ذلك وكل هذا تبع لحكمته وهذان الوصفان وما أشبههما من الصفات الذاتية لكونهما قائمين بالله والله متصف بهما، ومن صفات الأفعال لأن التقديم والتأخير متعلق بالمخلوقات ذواتها، وأفعالها، ومعانيها، وأوصافها، وهي ناشئة عن إرادة الله وقدرته، فهذا هو التقسيم
ليست هناك تعليقات